الجمعية الـ71 للأمم المتحدة.. سوريا مركز الإهتمام وأوباما يلقي كلمته الأخيرة

21.09.2016

كانت سوريا محور خطابات زعماء الدول الذين تناوبوا على منبر الأمم المتحدة أمس الثلاثاء، وفي اليوم الاول من الجمعية العامة الـ71 للمنظمة، ألقى الرئيس الأميركي باراك أوباما خطاب الوداع، الذي أكد فيه أن لا حل عسكرياً في سوريا، وأن الخيار هو "الديبلوماسية الحثيثة"، متطرقاً إلى الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ومنتقداً كذلك تنامي "الشعبوية" اليمينية في الولايات المتحدة وأوروبا، وداعياً إلى استقبال أفضل للاجئين.

وبالإضافة إلى تطرقه للموضوع السوري، ودعوته إلى توحيد الجهود للقضاء على تنظيم داعش "فكرياً وميدانياً"، تحدث أوباما بشكل مختصر عن مسألة الإرهاب، لافتا إلى أن "لا قوة خارجية بإمكانها أن تفرض على المجموعات الدينية او الإثنية المختلفة ان تتعايش في ما بينها لوقت طويل"، مضيفاً أنه "حتى موعد الإجابة عن اسئلة تتعلق بكيفية تمكّنها من أن تتعايش، معاً يظل جمر الإرهاب يحرق. أعداد لا تحصى من الناس سوف تعاني". كما أكد الرئيس الأميركي أن "القوى العظمى لن تدخل في حرب عالمية"، متهماً في الوقت ذاته روسيا التي غاب رئيسها فلاديمير بوتين عن الحدث الأممي، بأنها "تحاول استعادة مجدها المفقود من خلال القوة".

وافتتح الأمين العام للأمم المتحدة الجمعية العامة للمنظمة، كما القيت كلمات لزعماء دول عدة، بينهم رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي وامير قطر والملك الأردني والرئيسين الفرنسي والتونسي، والبرازيلي ميشال تامر التي غادرت وفود فنزويلا وكوبا والإكوادور وبوليفيا ونيكاراغوا لدى بدئها، معتبرين تامر رئيساً غير شرعي انقلب على الحكومة العمالية.

أوباما
أكّد الرئيس الأميركي أنّه "لا يوجد حلّ عسكريّ في سوريا، وعلينا تشجيع الحل السياسي، وعلينا أن نبذل جهودا دبلوماسية حثيثة تهدف إلى وقف العنف وتوصيل المساعدات للمحتاجين"، مشيرا إلى ان "الفوضى الناجمة عن العنف الطائفي وعنف التطرف لن يمكن عكسها بسهولة"، محذراً من أن "الأزمات في الشرق الأوسط ستستمر مع استمرار التطرف، خاصة أن أنظمة في المنطقة استمدت شرعيتها من القمع وشيطنة الطوائف".

ودعا إلى "توحيد الجهود للقضاء على تنظيم داعش فكريّاً وميدانيّاً"، معتبراً انه "لا يمكن تحقيق نصر عسكري حاسم" في سوريا، بل "علينا ان نبذل جهوداً ديبلوماسية حثيثة تهدف الى وقف العنف وتوصيل المساعدات للمحتاجين".

واعتبر أوباما أنّ "القوى العظمى لن تدخلَ في حربٍ عالميّة"، متّهماً، في الوقت نفسه، روسيا بأنّها "تحاول استعادة مجدها المفقود من خلال القوّة في عالم ترك عصر الإمبراطوريات وراءه". وانتقد الدول الديكتاتورية معتبراً أن "تفضيل الرجل القوي على الديموقراطية نظرية خاطئة"، مقراً بأن الولايات المتحدة لا يمكن ان تفرض رؤيتها على الدول الأخرى.

وقال "إذا استمرت روسيا في التدخل بشؤون جيرانها قد يلاقي هذا الأمر شعبية في الداخل وربما يغذي المشاعر القومية لبعض الوقت، لكنه مع الوقت سيقلل من مكانتها ويجعل حدودها أقل أمانا".

وخصّص أوباما جزءاً من خطابه للصّراع الفلسطيني ـ الإسرائيليّ، معتبراً أنّ "الإسرائيليّين والفلسطينيّين سيكونون أفضل حالاً إذا رفض الفلسطينيّون التّحريض واعترفوا بشرعيّة إسرائيل، وإذا أدركت إسرائيل أنّه لا يمكنها احتلال واستيطان أراضٍ فلسطينيّة إلى الأبد".

وحذّر أوباما من "انتشار الفكر القومي العدائي والشعبوية الفظّة" في الولايات المتّحدة والعالم، مشدّداً على ضرورة "تصحيح مسار" العولمة حتى "لا تذهب الشعوب إلى مزيد من الانعزال في عالم يزداد انقساماً بحدة"، لافتاً إلى أنه "وسط إهمال هذه المشاكل الحقيقيّة، فقد ظهرت رؤى مختلفة للعالم".

وأضاف "أعتقد أنّنا في هذه اللّحظة أمام خيارين، إمّا المضيّ قدماً مع أفضل نموذجٍ للتّعاون والتّكامل، أو التّراجع في عالمٍ منقسمٍ بشكلٍ حادّ في نهاية المطاف في الصّراع على أسس قديمة من الأمّة والقبيلة والعرق والدّين"، داعياً إلى "المضيّ قدماً، لا الرجوع إلى الوراء".

ودافع أوباما كذلك عن السياسات الرئيسيّة لإدارته التي تعرّضت لهجومٍ خلال حملات الانتخابات الرّئاسيّة في الولايات المتّحدة، بما في ذلك التجارة الحرة ومسألة الهجرة، في إشارةٍ إلى المرشّح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب، الذي يدعو دائماً إلى تطبيق سياساتٍ صارمة بحقّ اللاجئين والمهاجرين.

وبينما حذّر أوباما من "التّطرّف الّذي سيستمرّ تصديره إلى الخارج"، شدّد على أهمّية "ألا تقوم الأمم بعزل نفسها من خلال عدم استقبال الآخرين". مضيفا "العالم صغيرٌ جدّاً بالنّسبة لنا كي نقوم بكلّ بساطة ببناء حائط".

وتمسك الرئيس الأميركي بأن العالم "أصبح أكثر اماناً وازدهاراً في الوقت ذاته الذي تعاني فيه دول من ازمة لاجئين مدمّرة ومن الإرهاب ومن انهيار للحد الضروري من الأمن في الشرق الأوسط"، واصفاً ذلك بـ"المفارقة التي يعيشها العالم اليوم". ولفت إلى أن "الحكم أصبح اكثر صعوبة مع فقدان الشعوب لثقتها بالمنظمات وخروج التوتر بين الدول عن السيطرة بشكل اسرع".

أردوغان
وفي خطابه، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى حل سياسي فوري في سوريا، معتبراً أن "توغل تركيا في شمال سوريا أدى إلى اقامة سلام وتوازن واستقرار في منطقة سيطر عليها اليأس"، مجدداً مطالبته بإنشاء منطقة حظر طيران منزوعة السلاح في الشمال السوري.

وقال إن "سكان منطقة جرابلس بدأوا بالعودة إلى بيوتهم بفضل عملية درع الفرات، ونخطط لإنشاء مناطق سكنية مجهّزة بالاحتياجات الاجتماعية كافة للسكان العائدين من اللاجئين السوريين، ويتعين علينا إبداء موقف حازم والعمل سوية لإعلان المناطق التي قمنا بتأمينها منطقة حظر للطيران"، مؤكداً أن "ليست لدينا مطامع في الأراضي السورية أبداً".

وقال أردوغان إن "التنظيمات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة ووحدات حماية الشعب الكردي وحزب الوحدة الديموقراطي الكردي يواصلون نشاطاتهم على المستويين الدولي والإقليمي".

ودعا أيضاً زعماء العالم إلى اتخاذ اجراءات ضد "الشبكة الإرهابية" لرجل الدين فتح الله غولن، قائلاً إنها تهدد أمن بلدانهم، متهماً الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بوعوده بشأن انضمام تركيا إليه، مشدداً على أن بلاده سوف تستمر في استقبال اللاجئين السوريين.

بان كي مون
وفي آخر خطاب له كذلك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، طالب الأمين العام للأمم المتحدة بـ"وقف القتال" في سوريا، مندداً بالقصف الذي تعرضت له قافلة للأمم المتحدة و"الهلال الاحمر السوري" في حلب أمس الأول، واصفاً إياه بـ"الهجوم المقزّز والوحشي والمتعمد على الأرجح".

وإذ اتهم نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه نفّذ اكبر عملية قتل بحق المدنيين، تحدث كذلك عن "وجود ممثلي حكومات في قاعة الجمعية العامة سهّلوا وموّلوا وحتى شاركوا في فظاعات ارتكبت من قبل جميع اطراف النزاع".

وقال بان "ادعو كل الذين لديهم نفوذاً للعمل من اجل وقف القتال وبدء المفاوضات"، تمهيدا لانتقال سياسي.

وقال، إن الصراع في سوريا "يوقع اكبر عدد من القتلى ويتسبب بأكبر قدر من زعزعة الاستقرار"، مهاجما بشكل اساسي نظام الرئيس السوري بشار الاسد.

وقال في هذا الاطار "الكثير من المجموعات قتلت مدنيين ابرياء، ولكن أيا منها لم يقتل بقدر الحكومة السورية التي تواصل استخدام البراميل المتفجرة ضد مناطق سكنية وتعذيب الاسرى بشكل ممنهج".

وانتقد جميع الاطراف "التي تغذي آلة الحرب"، مشيرا الى وجود ممثلي حكومات في قاعة الجمعية العامة "سهّلوا وموّلوا وحتى شاركوا في فظاعات ارتكبت من قبل جميع اطراف النزاع".

امير قطر
ولم تخرج قطر عن خطابها السوري المعتاد، ولا عن الخطاب الخليجي في ما يخص الأزمة اليمنية، فاعتبر اميرها تميم بن حمد آل ثاني أن "على مجلس الأمن مسؤولية تاريخية لوقف القتل الهمجي للسوريين"، لافتا إلى أن "النظام السوري بات يستورد المنظمات والميليشيات التي تشكل خطراً على الأمن الإقليمي".

وقال تميم إن "النظام السوري شعاره إما بشار الأسد وإما حرق البلد"، مضيفا أن "النظام تلقى إشارات على أنه لا سقف لما يمكن ارتكابه من جرائم بحق شعبه"، ملقياً بـ"اللائمة على المجتمع الدولي الذي عجز عن حماية المدنيين في سوريا من القتل على يد النظام السوري، ووقفَ متفرجا على قتل هذا النظام لسكان داريا وتهجيرهم".

وأوضح أن "المجتمع الدولي سمح بتدخلات عسكرية غير مشروعة لقلب أنظمة حكم في منطقتنا"، مؤكدا أن "تقاعس المجتمع الدولي في تنفيذ القرارات الدولية عزز موقف الإنقلابيين في اليمن".

وفي ما يخص القضية الفلسطينية، قال إن "إسرائيل لا تكتفي برفض قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بل تعمل على فرض أمر واقع عبر خطط استيطانية طويلة المدى في الضفة الغربية والقدس"، مضيفاً أن على "إسرائيل أن تختار بين حل الدولتين أو إقامة نظام فصل عنصري في القرن الـ21".

هولاند
وألقى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند باللائمة على الحكومة السورية في "فشل وقف إطلاق النار"، داعياً "الداعمين الأجانب" للرئيس السوري بشار الأسد الى "المساعدة في فرض السلام أو المخاطرة بتفكك البلاد"، معتبراً ان "استخدام أسلحة كيميائية في سوريا ينبغي ألا يمر من دون عقاب"، وأن الصراع السوري سيظل مذكورا على أنه "وصمة عار" للمجتمع الدولي "إذا فشل في إنهاء القتال بسرعة".

ووضع هولاند "اربعة شروط" لفرنسا بالنسبة الى الملف السوري هي "فرض وقف لإطلاق النار، ضمان التسليم الفوري للمساعدات الانسانية، افساح المجال امام استئناف المفاوضات السياسية، ومعاقبة من استخدم الاسلحة الكيميائية".

ملك الأردن
واعتبر الملك الأردني عبد الله الثاني ان النظرة الخاطئة إلى المسلمين سوف تغذي صراعاً عالمياً، مضيفاً أن الجماعات المتطرفة هي "خارج الإسلام"، وأن للمسلمين "دور مركزي في مستقبل العالم".

روسيا
ويحضر وزير الخارجية سيرغي لافروف هذا اللقاء الأممي، ومن المرتقب أن يلقي كلمة من منبر الأمم المتحدة يوم الجمعة 23 سبتمبر/أيلول، سيركز فيها على تجنب سباق التسلح في الفضاء وضمان الأمن في المجال الإلكتروني وسيعلن على "مبادرات مهمة جديدة".

وأكد مصدر في الوفد الروسي إلى الجمعية العامة الثلاثاء 20 سبتمبر/أيلول أن لافروف سيعقد على هامش جلسات الجمعية لقاءات مع نظيره السوري وليد المعلم.

وإلتقى الوزير الروسي الثلاثاء في نيويورك مع نظرائه من بريطانيا والعراق وكوبا والأوروغواي وكوستاريكا والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ورئيس قبرص نيكوس أناستاسياديس.

كما من المتوقع أن يلتقي لافروف خلال الأسبوع الحالي نظراءه من اليابان وإيطاليا وألمانيا وسويسرا وولي العهد السعودي محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود وغيرهم من المسؤولين.

إضافة إلى ذلك سيشارك وزير الخارجية الروسي في عدد من الاجتماعات الدولية، بما في ذلك اجتماعات منظمة معاهدة الأمن الجماعي ومعاهدة حظر التجارب النووية والرباعية الدولية للتسوية في الشرق الأوسط.