خمسة أسباب لاستمرار دائرة العنف في الأراضي المقدسة
الهجوم الأخير في القدس يهدد بموجة عنف جديدة في الأراضي المقدسة. ما هي أسباب استمرار دائرة العنف؟
1-السبب الجيوسياسي
منذ البداية كانت إسرائيل دولة توسعية: خلال الحروب العربية الإسرائيلية، وفي النصف الأخير من القرن العشرين، احتلت إسرائيل جزءا كبيرا من الأراضي الفلسطينية، حيث صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 في 1947 الذي يؤكد على ضرورة قيام الدولة العربية الفلسطينية، جنبا إلى جنب مع دولة يهودية، مع وضع خاص للقدس. وبعد حرب الأيام الخمسة حثت الأمم المتحدة إسرائيل على العودة إلى حدود عام الرابع من يونيو/ حزيران 1967، ولكن القيادة الإسرائيلية رفضت باستمرار القيام بذلك، بحجج منها عدم إمكانية وجود دولة فلسطينية مكتملة وعدم تحديد الأراضي الفلسطينية بدقة، وأيضا بسبب سياسة الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين والإجراءات العقابية والحصار المفروض على غزة من قبل إسرائيل واحتلال القدس، التي تعتبرها كلتا الدولتين رأس مال لها، كل ذلك تتسبب في نمو المشاعر المتطرفة بين الفلسطينيين وغذى الإرهاب بشكل كبير.
تشارك الإدارة الأمريكية إسرائيل في تحمل مسؤولية عدم قيام دولة فلسطينية حتى الآن، ونتيجة لذلك تستمر دورة العنف. هي تدعم الطموحات الإسرائيلية في التمدد وتقدم لها الدعم المالي والعسكري. تبدو إسرائيل وكأنها مركزا أمامي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
2-السبب العرقي
إن الاستمرار في سياسة التمييز العنصري من قبل إسرائيل تسبب الغضب ليس فقط للشعب الفلسطيني وإنما أيضا للسكان العرب داخل إسرائيل. إسرائيل إضافة لذلك تصف نفسها بأنها دولة يهودية. اليهود والمسيحيون والمسلمون لا يقبلون أن يكونوا أسرى وهم يحملون الجنسية الإسرائيلية. الاعتداءات ضد المسيحيين والمسلمين أصبحت شائعة في إسرائيل وهي مدعومة من قبل الحكومة.
إن سبب انطلاق الهبة الحالية هو محاولة إسرائيل منع العرب من دخول المسجد الأقصى، وكذلك العمل البربري بحرق عائلة الدوابشة العربية ومعها طفل صغير في قرية دوما، والذي تم تنفيذه من قبل إرهابي يهودي في يوليو/ تموز الماضي عام 2015.
لا شيء من هذا يدعو ويسهل السلام بين الناس من مختلف الأعراق والأديان في إسرائيل. يشكل العرب 20% من السكان في إسرائيل (ماعدا الفلسطينيين المحرومين من حقوقهم ومدنهم). الكثير من السكان العرب يشعرون أنهم ليسوا مجرد مواطنين من الدرجة الثانية، بل يعاملون كأعداء. إسرائيل في الحقيقة دولة عنصرية.
3- سبب السياسة الداخلية
إن مشاركة أحزاب أقصى اليمين في الحياة السياسية الإسرائيلية تسبب الكثير من التوتر والمشاكل. حزب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعارض تقديم شيء للفلسطينيين. تزداد أهمية اليهود من المهاجرين الروس، والذين ينضمون عادة لأكثر الأحزاب تطرفا (إسرائيل بيتنا والليكود) ويشكلون بالتالي عائقا أمام السلام في فلسطين. وفي الجهة القابلة تسبب السياسة العدوانية لإسرائيل ازدياد المتطرفين بين العرب الفلسطينيين. لهذا السبب تزداد شعبية سياسة حماس.
4- السبب الاقتصادي
للإرهاب في إسرائيل بعد اقتصادي: في دراسة لعلماء إسرائيليين عام 2004 فإن إسرائيل تخسر سنويا 15% من الناتج الوطني بسبب الإرهاب. والرقم ممكن أن يكون أكبر. لم يكن بمقدور الدارسين أخذ الأثر الكبير للإرهاب على الاقتصاد وخاصة عندما تهرب رؤوس الأموال للعمل في مكان آخر. وبالتالي فإن الإرهاب يضعف إسرائيل من وجهة النظر الاقتصادية.
عدم المساواة بين اليهود والعرب من الناحية الاقتصادية هي سبب آخر من أسباب الإرهاب. لقد افترضت عملية السلام في أوسلو أن تحسين الواقع الاقتصادي في المناطق العربية سيؤدي إلى مزيد من الاستقرار. ولكن منذ تشكيل السلطة الفلسطينية فقد انخفض معدل الدخل السنوي للمواطن الفلسطيني من 3500$ عام 1987 إلى 1000$ عام 1999. يسيطر المستوطنون الإسرائيليون على أفضل الأراضي الفلسطينية والسلطة الفلسطينية تحت الحصار وهي في حالة مزرية سببت دخول الحالة الفلسطينية في نفق مظلم من الناحية الاقتصادية كما في غيرها.
5- السبب اليهودي
يوجد سبب آخر ذكرته الجماعة اليهودية الأرثوذكسية "نيتوراي كارتا". هم يعتقدون أن أعمال العنف الموجهة ضد اليهود، هي عقوبة من الله سلطها عليهم، لأنهم أسسوا دولتهم قبل ظهور المسيح. بالنسبة لهم، إسرائيل الحديثة هي محاكاة ساخرة للدولة الحقيقية المفترض إقامتها في المستقبل. وبرأي "نيتوراي كارتا"، الله يعاقب اليهود لأنهم أخلّوا بالتعليمات الثلاثة للتلمود.
أولا، هم أقسموا ألا يثوروا ضد الأمم الأخرى، وثانيا، هم تعهدوا بعدم المشاركة في أحداث تعجل نهاية العالم، وثالثا، هم أقسموا بألا يعودوا جميعهم إلى إسرائيل. هذه هي وصايا التلمود التي يتفق اليهود على احترامها، ومن الواضح أن الصهيونية خالفتها وانتهكتها.